ads

وقتك كيف يمضي؟

وقتك كيف يمضي


قال تعالى : ( والعصر* إن الإنسان لفي خسر ) أقسم الله بالعصر، وهي أجزاء الوقت وما هذا إلا لأهميته ، وهذه الأهمية تكمن في أن الوقت هو الزمن الذي تقع فيه الأعمال ، وهذه الأعمال خيرها وشرها هي التي سيقابل بها الناس خالقهم يوم 
القيامة، إذا عرفنا هذا تبين لنا أهمية الوقت . 

فهو في الحقيقة حياتنا على هذه الأرض لكي نقدم فيها ما يوصلنا إلى الغاية التي لأجلها خلقنا ، فالوقت هو الحياة .
و الوقت نعمة وأمانة يضيعها كثير من الناس، والوقت إذا ذهب لم يرجع ، وهذا يدفعنا لإستغلال كل لحظة منه ، كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك ).

  
                                  

التحسر على فوات الأوقات :
 


 إذا تنبه العاقل ، وتذكر ما مضى من أيام عمره ، فإنه يندم على الساعات التي ضيعها  ، وأشد ساعات الندم حين يقبل المرء بصحيفة عمله ، فيرى فيها الخزي والعار ، فالعاقل من ندم اليوم حيث ينفعه الندم ، وإستغل لحظات عمره ، فعمرها قبل أن يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه الندم . 

من أسباب تضييع الوقت :

  • عدم وضوح الغاية :
إن عدم وضوح الغاية ، أو عدم وجودها ، أو عدم التفكير فيها ، أو عدم الإنشغال بها والسعي لأجلها هو أعظم سبب لضياع الأوقات .
فمن حدد هدفاً يسعى إليه ـ أياً كان الهدف ـ فإنه لن يضيع وقته ، فالطالب الذي يريد التفوق لا يكثر اللهو ، ومن يريد العلم يسعى لتحصيله بأسبابه ، ومن يريد أن يكون تاجراً يسعى لتحصيل ذلك ، وهكذا فحري بمن غايته الوصول إلى الجنة ونعميها أن يسعى جاداً لتحصيلها ، وكل هدف نبيل يسعى المؤمن لتحصيله فيه إصلاح دينه ، أو دنياه ، أو أمته ، إذا أخلص فيه النية سيكون طريقا لتحقيق ذلك الهدف .
  • مرافقة الزملاء غير الجادين الذي يضيعون الأوقات سدى ، ولا يستفيدون من عمرهم وشبابهم .
  • كثرة الملهيات والمغريات فإذا انشغل بها الانسان ضاع وقته وخسر عمره .
  • قلة الأعوان ـ من الأهل والأصحاب ـ على استغلال الوقت .

إستغلال الوقت :   


ينبغي إستغلال الوقت وملئه بالعمل حتى لا يوجد فراغ ، فالفراغ داعٍ إلى الفساد ، والنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية . إن وضوح الهدف ، ومعرفة أهمية الوقت ، سبب لإستغلاله ، فعليك بترتيب وقتك وتنظيمه واستغلاله بأن تجعل لك جدولاً يومياً وأسبوعياً وخلال الإجازات لكي تستغل وقتك على الوجه المطلوب . 

وصور إستغلال الوقت أكثر من أن تذكر ، ومنها المحافظة على الصلوات ، وذكر الله وقراءة القرآن وخدمة الوالدين ، وصلة الأرحام ، والزيارات النافعة ، وعيادة المرضى ، والتعلّم والتعليم ، والدعوة إلى الخير  والتفكر في خلق الله ، والتفكير في مصالح نفسك ومصالح وطنك وأمتك ، والعمل النافع ، والإستماع لكل نافع ومفيد ، ومساعدة المحتاجين وغير ذلك كثير
قال معاذ رضي الله عنه : أما أنا فأنام وأقوم ، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : معناه أن يطلب الثواب في الراحة ، كما يطلبه في التعب ، لأن الراحة إذا قصد بها الإعانة على العبادة حصل بها الثواب   
والمراد بقومته هنا : قيامه الليل وصلاته .  



                               


قد صدق من قال: إن الوقت هو الحياة، فما الأيام إلا صفحات تقلب في كتاب حياتنا، وما الساعات في تلك الأيام إلا كالأسطر في صفحاتها، التي سرعان ما تنقضي  تباعًا حتى تنتهي صفحات كتاب العمر..


وبقدر ما نحسن تقليب صفحات أيامنا تلك نحسن الاستفادة من كتاب حياتنا.. وبقدر استغلالنا لأوقاتنا نحقق ذواتنا ونعيش حياتنا على الوجه الذي نريده. 
                                                                

ولا شك أن إدراك الإنسان لقيمة وقته ليس إلا إدراكًا لوجوده وإنسانيته ووظيفته في هذه الحياة ، وهذا لا يتحقق إلا بادراكه للغاية التي من أجلها خلــقه الله عــز  لها. ومــن المعلــوم أن الله قد خــلق الإنسـان لعبادته، والمقصود بالعبادة هنا هو كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة ، لذلك كان الوقت أغلى ما يملكه الإنسان، فهو كنزه، ورأس ماله الحقيقي في هذه الدنيا، ذلك أنه أساس كل شيء يمارسه الإنسان في حياته.

ويكفي الوقت شرفًا وأهمية أن الله عز وجل قد أقسم به في كتابه العزيز، وأقسم ببعض أجزائه في مواطن عديدة، 



ولقد برزت أهمية الوقت والحث على الاستفادة منه  في السنة النبوية، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك" وهذا الحديث وإن تنوعت ألفاظه فهو يحث على اغتنام الفراغ في الحياة  فالمريض يهتم بأسباب عودة صحته واسترداد عافيته، وكذلك الهرم وهو من بلغ أقصى مراحل الكبر من العمر، حيث يكون الضعف العام للجسم وبطء الحركة، بعكس من كان في مرحلة الشباب.

وقد روى البخارى في صحيحه أن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ ) وهذا الحديث من جوامع الكلم وهو في غاية الوضوح، حيث يرشد الرسول صلى الله عليه وسلم فيه إلى أن الفراغ مغنم  ولكن لا يعرف قدره  إلا من عرف غايته في الوجود، وأحسن التعامل مع الوقت وكيفية الاستفادة منه.

ولعل مما يدعو إلى ضرورة الإستفادة من الوقت حرص الفرد على أن يكون من القلة التي عناها الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق ، فظاهر الحديث أن الذين يستفيدون من الوقت هم القلة من الناس، وإلا فالكثير منهم مغبون وخاسر لهذه النعمة بسبب تفريطه في وقته وإضاعته له في غير فائدة، وعدم إستغلاله الاستغلال الأمثل.  


ومسؤولية الإنسان عن وقته شاملة لطول عمره وهذا الوقت مما يُسأل عنه يوم القيامة، ففي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه ).  


وتجدر الاشارة الى ان  الإسلام أعطى النفس حقها من الراحة والسعة ، قال تعالى   (وجعلنا نومكم سباتًا، وجعلنا الليل لباسًا، وجعلنا النهار معاشا )

ولكن هذا الحق من النوم والراحة للجسد والبدن مشروط، أي ينبغي أن يتقوى به الإنسان لما بعده، ويحتسبه للعمل، فهو يرتاح ليتقوى على العمل، وليست الراحة لمجرد البطالة. 



                            

تقع مسئولية إدارة الوقت على الانسان نفسه ؛ إذ يجب عليه أن يُعَوِّدَ نفسه دائما على الاهتمام بالمهام والمسئوليات  بدقة ، وأن يؤديَها في مواعيدها مهما كانت تلك المهام صغيرةً أو كبيرة ؛ لأن من شب على شيء شاب عليه .  

  
وعلى كل منا أن يجبر نفسه على " الالتزام " بالمواعيد والمواثيق التي حددها لنفسه ، أو قطعها لغيره على نفسه ؛ لأن هذه تعتبر أولُ خطوة من خطوات حُسن إدارة الوقت .

وتتحمل " الأسرة " مسئولية تعويد الأبناء على الاهتمام بالوقت وتنظيمه منذ الصغر إذا عودتهم على الاستيقاظ في مواعيد محددة .


والالتزام  بما قطعوه على أنفسهم من مواعيد وعهود  ورسمت لهم كيفية تنظيم الوقت وحسن إدارته ، من خلال تدريبهم على توزيع الوقت باعتدال بين القراءة وحل الواجبات. 



والاستفادة من التقنيات الحديثة كالكمبيوتر والإنترنت في إثراء المعارف وتعدد مصادر المعلومات ، ومزاولة الألعاب المفيدة ، وتعليمهم الاستفادة من أوقات الفراغ بالقراءة والاطلاع ؛ وبخاصة في أوقات الانتظار في مواقف السيارات ، أو عيادات الأطباء ، أو في الدوائر الرسمية  وغيرها .... 

 ويعتبر أبرز دلائل إهتمام الانسان بالوقت وحرصه على إدارته.. إحترامَه وتقديره لأوقات الآخرين ؛ لأن إدارة الوقت بحكمة تزرع  لدى الانسان اهتمامه بالآخرين ، و عكس ذلك يدل على  أن الانسان  لا يحترم الوقت ولا يحترم مواعيد الآخرين فهو يسطو على أوقاتهم ، ويتعدى على حقوقهم ، ويضيع عليهم ساعات يمكن أن يحققوا فيها الكثير. 
   
                                   

                           

من منا لا يرغب بتحسين حياته .. كل عمل .. وكل تغيير سيحتاج منا لإدراك مواطن الخلل .. كما  سيحتاج منا لتحديد مجموعة الأهداف  التي نرغب في تحقيقها ..
 
 فعلى سبيل المثال : قد نضع هدفًا  لزيادة المعرفة والثقافة العامة .. هذا سيدفعنا بالتالي لتخصيص أوقات للقراءة والمطالعة .. سنحدث تغييرًا بسيطًا في نظام حياتنا الحالي ،  بهذه الطريقة  نكون قد قمنا باستغلال وقتنا بشكل أفضل ..
أما أن نطلب من الإنسان العادي اقتناء مذكرة في جيبه .. وعمل أجندة للمواعيد والأعمال التي سيقوم بها .. أو جدولة يومية للأربع وعشرين ساعة .. ونطالبه بالتزام في ذلك .. فهذا إفراط  ويستحيل تطبيقه.
إن من يرى نفسه غير قادر على الاستفادة من وقته .. ويرى ذلك مستحيلاً بالنسبة له .. وحياته لا تنظيم فيها .. ولا أنشطة .. يومه متكرر .. مصاب بالملل ولا يقدر على إدارة وقته بأي شكل .. عليه التعامل مع اليوم بالحزمة .. عليه أن يقسم اليوم إلى مجموعة من الحزم .. على سبيل المثال : حزمة ما بعد صلاة الفجر حتى العمل أو الدراسة .. حزمة ما بعد العمل .. حزمة ما بعد العصر حتى المغرب .. حزمة ما بين المغرب والعشاء .. حزمة ما بعد العشاء بساعة .. حزمة السهرة .. هكذا يصبح في اليوم ستة حزم فارغة …


يستطيع أي شخص عادي ممارسة أكثر من خمسة أنشطة يوميًا .. وهذا كبداية في تنظيم الوقت  ممتاز .. يستطيع أن يعمل أو يدرس .. وينام ويقرأ .. ويجلس على الحاسوب .. أو يذهب لزيارة أحد الأصدقاء .. ويستطيع زيادة الأنشطة لعشرة كل يومين .. فيضيف على ما سبق التنزه .. التسوق .. الراحة أو الخلوة الفكرية .. الرياضة .. اللعب مع الأطفال والجلوس مع الأسرة ..
ان ذلك ممكن .. وسهل جدًا في التطبيق .. لم نطلب منك لا ورقة ولا قلم ولا أجندة لتسجل فيها تحركاتك وإجتماعاتك .. ولم نطلب منك ترتيب الأعمال حسب الأولوية .. ولم نطلب منك أن تحرم نفسك من شئ .. تستطيع أن تفعل كل شئ خلال يومين .. فما بالك في الأسبوع ؟!
إذا قررت أن تغير حياتك .. فما عليك سوى البدء الآن .. راقب نفسك لمدة أسبوع .. تعرف كيف تقضى وقتك .. حدد مواطن الخلل .. ما الذي تركز عليه بشكل كبير ويضيع عليك الكثير من الوقت  لدرجة أنك أصبحت كالمدمن .. هل هو النوم .. أم الخروج هنا وهناك .. هل هو الجلوس مع الأصدقاء .. قد يكون الحاسوب أو التلفاز 
.. أنت أدرى .. وتستطيع رصد نفسك جيدًا ..
المهم أن تصل في النهاية لعشرة أعمال مختلفة تقوم بها كل يومين على الأقل .. بهذا تضمن الحصول على الاستغلال الامثل  لوقتك ..

الوقت بيدك .. ما يذهب منه لا تستطيع إعادته .. عقارب الساعة لا ترجع إلى الوراء .. وهذه الوقت من عمرك .. يجب عليك إستغلاله بشكل جيد .. وعليك أن تبحث عن الممكن حتى تستطيع تطبيقه على نفسك ..

لا تؤجل .. لأن أكبر خطر يهدد الإنسان .. التسويف والتأجيل .. فاحذرهما .. ضع أهدافك .. فلا تنظيم للوقت دون أهداف محددة .. إعرف ما تريده .. تخلص من العادات السيئة وسترى نفسك تستغل الجزء الأكبر من وقتك في أشياء مفيدة.